**للصيام فوائد عديدة وللصائمين جوائز كثيرة وقد جعله الله جنة ووقاية من النار
** الصوم يجعل الصائم إنسانا عفا نبيلا تمنعه فضائله من أن يشارك في لغو أو يرد على إساءة
** العبد المسلم الصائم القائم يفعل الطاعات في رمضان إيماناً واحتساباً وليس عادةً وتقليداً
** المسلم في رمضان يتذكر بجوعه وظمئه إخوانه المسلمين المنكوبين والفقراء في كل مكان
للصيام فوائد عديدة، وللصائمين جوائز كثيرة، جعله الله جنة ووقاية من النار، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ اللَّهُ تعالى: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَد»، هذا ما يؤكده الداعية الإسلامي الشيخ أحمد القطان ويدلل عليه بالأحاديث القدسية والنبوية.
تهذيب الأخلاق
ويقول الشيخ القطان في معرض تناوله لفوائد الصيام إن الصوم يهذب أخلاق الصائم، فيكف لسانه عن اللغو والخوض في الكلام الباطل، قال تعالى على لسان مريم: ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا 26 )(مريم)، كما أن الصوم يجعل الصائم إنسانا عفا نبيلا تمنعه فضائله من أن يشارك في لغو، أو يرد على إساءة لأنه صائم، ومن ثم فهو إنسان رباني، يكف لسانه عن كل إساءة وتطاول ابتغاء مرضاة الله، ويمنع نفسه كل متعة ولذة ابتغاء وجه الله، ومن ثم كان حقا على الله أن يعطيه الجزاء الأوفى.
وشدد على أن الصوم ليس مظهرا سلبيا، ولا يكفي لتحقيقه فقط مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع، مؤكدا أنه مظهر إيجابي ثمرته التقوى والعمل الصالح قال تعالى "ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وإن ما في الصوم من كبت وحرمان ليس هدفه إلا التدريب على الأخلاق الفاضلة وتهذيب النفس، وجماع أمرها المتمثل في قيادتها والتحكم فيها والاستعلاء على شهواتها.
وأضاف الشيخ القطان إن المسلم بالصوم يمتلك زمام شهوته وغضبه فلا يشتم ولايسب، ولا يرد الإساءة بمثلها ، وان سابه أحد أو شاتمه قال إني صائم، قال صلى الله عليه و سلم " إذا كان يوم صوم أحدكم فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ؛ مَرَّتَيْنِ»، وفي روايةٍ " إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".
الدعاء المستجاب
وأكد أن الدعاء في هذا الشهر الكريم من الأوقات التي يُرجى فيها القبول والإجابة، ويُرشد لهذا قوله تعالى عقب آيات فرضيَّة الصيام: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ } (البقرة:186)، فلا ينبغي أن يفوت الصائم «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله»، وإذا أراد الصائم أن يدعو فلينتقِ جوامع الدعاء، لأن الدعاء من العبادات العظيمة الجليلة قال تعالى في محكم كتابه: { وقال ربكم ادعوني استجب لكم } (غافر:60)، وفي الحديث الشريف ( إذا دخل رمضان فتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وسلسلت الشياطين ) ، وفي هذا الحديث إشارة إلى الحث على الإكثار من فعل الطاعات والقربات، والدعاء منها، وفيه أيضًا إشارة لقبول الدعاء؛ لأن الفتح دليل على الإذن بالدخول والقبول.
تدريب على الطاعات
وأوضح أن الصيام والقيام والسحور والإفطار تدريب للعبد على اليقظة الإيمانية التي تنجيه من مصارع الغفلات، خلال شهر كامل يتدرب عليها ويرتقي بها إلى أعلى مقام في الإنسانية، والعبد المسلم الصائم القائم يفعل ذلك إيماناً واحتساباً، وليس عادةً وتقليداً.. إيماناً واحتساباً.. طلباً لثواب الله وجنته، هكذا كل ليلة يعقد النية أنه يصوم غداً من رمضان إيماناً واحتساباً.
وذكر أن المسلم في رمضان يتذكر بجوعه وظمئه إخوانه المسلمين المنكوبين والفقراء في كل مكان، حيث اخواننا السوريين المشردين والصوماليين المنكوبين وغيرهم من الشعوب المسلمة التي نزلت بهم النكبات والكوارث، وهناك شعوب كثيرة تنزح من أوطانها وتهاجر، بسبب الجبابرة الذين يقتلون شعوبهم، فكيف سيصوم هؤلاء الناس، وهم في هذه الهجرة؟ وعلى إخوانهم الصائمين أن يذكرونهم ويقدمون لهم العون في هذا الشهر الفضيل، ويجيرونهم ويدعون لهم.
وأشار الشيخ القطان الى أنه في هذا الشهر الكريم تكثر العبادات وليتدرب الإنسان على هذه الكثرة، منها صلاة التراويح والتهجد والقيام ومنها سنة الضحى والشفع والوتر، وليحرص الصائم على صلاة الجماعة بالمسجد وحضور الدروس والمواعظ، ويحرص أيضاً على لزوم ذكر الله «لا يزال لسانك رطباً بذكر الله» الفرق بين من يذكر ربه، ومن لا يذكر ربه كالفرق بين الحي والميت. وفي هذا الشهر العظيم ليلة خير من ألف شهر، وعشر أواخر كان عليه الصلاة والسلام يشد فيها مئزره ويوقظ أهله، ويحيي ليله، وكان يعتكف، ومن دعاء ليلة القدر: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا»، فإذا أردت أن يعفو الله عنك فاعفُ عن عباده.. يغفر لك. فهكذا نخرج من شهر رمضان ونحن نقول: يا رب إن كنت قد فرضت علينا هذا الشهر؛ فنحن في غاية السرور لا نشبع منه.. ولهذا نصوم بعده متطوعين الستة من شوال؛ حتى نبرهن لك أننا نحب فريضة الصيام.
وفقنا الله لصالح القول والعمل، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ/أحمد القطان لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولى تبارك وتعالى له دوام الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين